يظلّ ديما، شأنه في ذلك شأن كثير من المراهقين الأبطال في أعمال يفغيني روداشيفسكي، معلّقاً بني عالم الطفولة وعالم الكبار. ثمة حوارٌ صامتٌ بين بطلين رئيسين هما الإنسان والحيوان. ثمة شيءٌ مشتركٌ يصعب التقاطُه في سلوك هذين «المتسامرَين » وفي مصيرهما. قد يكون هذا ضرورة لاجتياز لحظة صعبة من أجل الحياة القادمة، وقد يكون عُزلةَ الطير الذي انفصل عن السرب، عُزلة الكائن الذي غادر عشَّه الدافئَ المريحَ للمرة الأوّلى. تندرج قصة «الغُراب الأسحم » بيسر في صنف أعمال جيمس فينيمور كوبر وفيتالي بيانكي، وفي الوقت نفسه تظلّ لها سِماتها البارزة، وتظلُّ معاصِة بلا جدال. إن ديما مجبول من لحم القرن الحادي والعشرين ودمِه، والطبيعةُ بالنسبة له ليست ورشةً أو مِحراباً: فهو نفسه، والغُراب الأسحم، وأشجارُ التايغا التي لا تُعَدّ ولا تُحصى، كلُّ أولئك سكّانُ بيتٍ مشترك واحدٍ، لا وجود لغيره، ولهذا فإنه لا يُقدَّر بثمن.