ع
ع
مهرجان العين للكتاب 2025: دورة استثنائية تعيد رسم المشهد الثقافي في المدينة

اختتم مهرجان العين للكتاب 2025 فعاليات دورته السادسة عشرة، التي نظمها مركز أبوظبي للغة العربية، تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، بنجاحٍ باهرٍ وحضورٍ متزايدٍ من الزوّار القادمين من مختلف أرجاء إمارات الدولة والدول المجاورة، إذ تميّزت هذه الدورة بتطورٍ ملحوظٍ في عدد العناوين، وتنوع المشاركات والفعاليات والعروض، ما أسهم في إثراء الثقافة العامة للجمهور، وتعزيز وعيهم الفكري، وجعلها دورة استثنائية تعيد رسم الواقع الثقافي في المدينة.

 

وانطلق المهرجان في 24 نوفمبر واستمر حتى 30 نوفمبر 2025، تحت شعار "العين أوسع لك من الدار"، ليقدّم نحو 100 ألف عنوان، بمشاركة أكثر  من 220 عارضاً من دور نشر ومؤسسات ثقافية، منها 40 جهة تشارك للمرة الأولى.

 

واشتملت برامج المهرجان على 400 فعالية، أشرف عليها نحو 200 مشترك من المتحدثين ومقدمي الورش والفنانين، بينما عقد نحو 100 ورشة للأطفال، منها ثلاث ورش استهدفت أصحاب الهمم، وأقام 24 ورشة تفاعلية على المسرح، واستضاف 13 عرضاً مسرحياً، و12 جلسة ضمن برنامج "من عشانا"، وأكثر من 8 جلساتٍ  متميزة ضمن برنامج "ليالي الشعر: الكلمة المغناة" شارك فيها أكثر من 30 شاعراً من أهم شعراء دولة الإمارات.

 

إلى ذلك، قال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: "شهدت دورة هذا العام من مهرجان العين للكتاب تطوّراً كبيراً في سعيها للتحول إلى مفهوم الصناعات الثقافية، ودمج كافة الفنون وأشكال الإبداع مع الكتاب من أجل إحياء الإرث الثقافي، وجعله جزءا من نسيج الحياة المعاصرة" وأضاف: "لقد حققت هذه الدورة المتميزة من حيث المشاركات والفعاليات والشراكات المزيد من النجاحات التي تضاف إلى سلسلة نجاحات مهرجان العين للكتاب، محققة رؤية مركز أبوظبي للغة العربية في تعزيز حضور اللغة العربية وإثراء المشهد الثقافي بمدينة العين، والتعريف بتفردها مدينة ثقافية تاريخية سياحية".

 

وتابع سعادته: "كانت الزيادة في مشاركة دور النشر هذه الدورة لافتة، منها 40 دار نشرٍ تشارك للمرة الأولى، ما يعكس الثقة التي حققها المهرجان، لدى أطراف صناعة النشر، والصناعات الثقافية التي صارت ركيزة أساسية في مسيرة التنمية".

 

وواصل حرص مهرجان العين للكتاب في دورته للعام 2025، تقديم برنامج "ليالي الشعر: الكلمة المغناة"، مستثمراً النجاح الكبير الذي حققه في دوراته السابقة، من خلال استقطاب جمهوراً عاشقاً للشعر الشعبي، فقد خصص البرنامج ثلاث ليالٍ، لثلاثة من كبار الشعراء الشعبيين الإماراتيين، الذين أخلصوا للشعر والتراث الشعبي، وتركوا بصمات خالدة في مجاله، وذلك بهدف استذكارهم وتكريمهم من خلال جلسات حوارية.

 

واستهل البرنامج؛ الذي أقيم في "قصر المويجعي"، جلساته بعرض مسيرة الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، رحمه الله، أحد أبرز الشخصيات الوطنية التي خدمت التراث، وفي ليلة ثانية سلط البرنامج الضوء على تجربة الشيخ  هزاع بن سلطان بن زايد آل نهيان، رحمة الله، الشعرية، وأثره الثقافي في المجتمع الإماراتي، كما تناول مسيرة الشاعر حمد بن سهيل الكتبي، رحمه الله، أحد أبرز شعراء العين، الذي ترك أرشيفاً غنياً من الأغنيات التي أنشدها نجوم الغناء في الخليج والعالم العربي.

 

واحتفى برنامج "ليالي الشعر" بأبرز شعراء مدينة العين الذين تغنوا بسحر طبيعتها وواحاتها الغناء، عبر جلسة "من نبض المجتمع إلى نبض القصيد: العين بلسان شعرائها"، والذين تحدثت عن جذور الشعر الشعبي "النبطي" وتطوره في مدينة العين. واستقبل البرنامج باقة رائعة من الأصوات الشعبية الإماراتية في جلسة "أصوات من التراث"، شارك فيها كل من شعراء تحدثوا عن فنون الشلات، والردحة، والعازي، والمنكوس.

 

وألقت  جلسة "أعمدة شعر الرزفة" الضوء على مجموعة من الشعراء الإماراتيين الذين برزوا في فن الرزفة. في حين شهدت الليلة الختامية أمسية بعنوان "شعراء المستقبل" استضافت عدداً من الأطفال الذين أظهروا اهتماماً بالشعر الشعبي "النبطي" بهدف اكتشاف المواهب الواعدة والشغوفة بالشعر، وجلسة أخرى بعنوان "الشعر والمجتمع"، تناولت دور الشعر في نقل القيم والعادات الأصيلة، وتأثيره في أبناء المجتمع.

 

وجسّد التعاون الجديد مع مجالس أبوظبي- مدينة العين، خطوة نوعية في تطوير البرامج الثقافية؛ إذ انتظمت خلال المهرجان جلسات متخصصة في التراث والموروث الإماراتي، إلى جانب مناقشة القضايا الاجتماعية والثقافية التي تعزز التفاعل بين الأجيال، وتسهم هذه الشراكات في إضفاء بعد مجتمعي على المهرجان، بما يتوافق مع أهداف المركز في دعم الثقافة الوطنية، وتعزيز الوعي المعرفي بين مختلف فئات المجتمع.

 

كما أطلق المهرجان في دورته هذا العام، وللمرة الأولى مبادرة "على خُطى المعرفة نجتمع"، بالتعاون مع نادي العين الرياضي، وذلك في إطار جهوده المتواصلة لدعم المبادرات المجتمعية والثقافية والرياضية، التي تسهم في ترسيخ مكانة إمارة أبوظبي وجهة رائدة للثقافة والرياضة، وتهدف المبادرة إلى تحفيز أفراد المجتمع على تبني مفهوم صحي ثقافي متكامل في تحدٍ رياضي يعتمد على حساب يومي لعدد خطوات المشاركين الذي يحضرون المهرجان.

 

من جهة أخرى، أضاف المهرجان هذا العام تجربة تفاعلية جديدة من خلال برنامج "من عشانا"، الذي سلط الضوء على ثراء المطبخ الإماراتي كجزء من الهوية الوطنية. وأتاح  للزوار التفاعل مع طهاة موهوبين من مجتمع العين، واستكشاف أسرار المأكولات التقليدية، ما وسع تجربة المهرجان لتشمل الثقافة الغذائية إلى جانب الأدب والفنون.

 

وفي لفتة تقديرية للإبداع الأدبي، احتفى مركز أبوظبي للغة العربية في مستهل فعاليات المهرجان بالفائزين في جائزة "كنز الجيل"، تقديراً لإسهاماتهم في إثراء المشهد الشعري والأدبي في دولة الإمارات، عبر احتفالية مهيبة أقيمت في قصر المويجعي كرم خلالها معالي الشيخ محمد بن حمدان بن زايد الفائزين، بحضور معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وسعادة سعود عبدالعزيز الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وسعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وسعادة سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية.

 

ويسعى المهرجان إلى ترسيخ مكانة العين وجهة سياحية وثقافية متميزة، من خلال إقامة الفعاليات في أبرز المواقع التاريخية والسياحية؛ إذ استضافت ساحة العين سكوير، وهي الساحة الرئيسة لإستاد هزاع بن زايد ذلك الصرح الرياضي الفخم والتحفة المعمارية الرائعة، أبرز الأنشطة والفعاليات وورش العمل، وشهد قصر المويجعي التاريخي العريق الذي شيّد قبل أكثر من 100 عام أجمل الأمسيات في برنامج "ليالي الشعر"، كما شاركت مجالس أبوظبي- مدينة العين في هذا الحدث الكبير، وقدّمت منصة لاستكشاف التراث الإماراتي باستضافتها سلسلة من الجلسات الثقافية، فيما نظمت كل من: جامعة الإمارات العربية المتحدة، وكليات التقنية العليا، وجامعة ليوا، وجامعة أبوظبي، وأكاديميات الدار سلسلة من الجلسات التعليمية ضمن مبادرة "على درب العلم" التي تهدف إلى تحفيز الفضول وتعزيز التعلم. أما مستشفى كند والفوعة مول والبراري آوتليت مول فاحتوت على خزانات للكتب قدّمت من خلالها مجموعة متنوعة ومميزة من كتب مشروع "كلمة للترجمة" ومشروع إصدارات، وسلسلة البصائر للبحوث والدراسات.

 

 ويشكل مهرجان العين للكتاب 2025 نافذة متجددة تطل منها مدينة العين على الثقافة العربية والعالمية، ومنبرًا يعبّر عن تلاقي الفكر والفن والمجتمع، ويعكس من خلال فعالياته المتنوعة التزامه بترسيخ اللغة العربية ركيزة أساسية للهوية الإماراتية، وإسهامه في تحقيق الرؤية الثقافية لإمارة أبوظبي عبر تنظيم أنشطة نوعية وفقاً لأرقى المعايير العالمية، بما يتوافق مع مكانة الدولة في المشهد الثقافي الدولي، ويعزز حضور مدينة العين جسراً نابضاً بالحياة يربط بين التراث والإبداع المعاصر.

00:00
00:00