أصدر مركز أبوظبي للغة العربية - التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، الترجمة العربية لكتاب "الخيمياء في الأندلس" من تأليف المستعرب الإسباني آنخيل ألكلا مالابي، ونقلته إلى العربية المترجمة خديجة بنياية، وذلك من خلال مشروع "كلمة" للترجمة.
يسلّط الكتاب الضوء على مرحلة مهمّة تحوّلت فيها الأندلس إلى المنارة الأكثر إشعاعاً في شتّى فروع العلم والفنون، وحمل خلالها الإسلام المشعل بعد الإمبراطورية الرومانية. ويعتبر مصدراً تاريخياً مهمّاً عن تاريخ الخيمياء في الأندلس، ومساهمات العلماء المسلمين فيها، كما العلماء الآخرين من الثقافات المختلفة، التي جعلت من قرطبة حاضرة للعلوم.
ويتميّز كتاب "الخيمياء في الأندلس" بتناوله الموضوع بطريقة علمية وتاريخية ويقدّم معلومات دقيقة عن مساهمات العلماء المسلمين في هذا المجال، وتسليط الضوء على الجانب الفني والأدبي للخيمياء الإسلامية. ويبحث في الدور الذي اضطلع به الخيميائيون الأندلسيون في النهضة العلمية والإشعاعية التي حقّقتها الأندلس، والتي بلغت أوجها في عهد عبد الرحمن الثالث، الذي أقام شجرة المعرفة وكرَّس ثقافة التسامح بين الديانات السماوية الثلاث. هذا بالإضافة إلى إسهاماتهم في نقل الحضارة الإسلامية إلى أوروبا، من خلال حركة الترجمة التي عرفتها الأعمال العلمية العربية في العصور الوسطى اللاتينية.
ويقدّم الكتاب مناقشة واسعة ومعمّقة عن أثر الأندلس والإسلام في الخيمياء، من خلال ما يقارب مئة مفكر وعالم أعشاب، أمثال ابن رشد، وابن مسرة، وابن الخطيب، والزهراوي، بالإضافة إلى أنه يقوم بجولة في أصولها الأسطورية، انطلاقاً من شخصية هرمس الهرامسة، ومروراً بمدرسة الإسكندرية ثم الأندلس، حتى الوصول إلى الخيمياء في أوروبا المسيحية.
وتتنقل فصول الكتاب بين المراحل التاريخية المختلفة، وتتضمن وقفات تحليلية لنماذج العلماء المبدعين الذين عملوا بصنعة الخيمياء في الأندلس ولم يحظوا بالقدر الكافي من العناية والاهتمام، مما ألقى بظلاله على الدراسات المتخصصة في الموضوع كمّاً وكيفاً.
وانطلاقاً من نظرة المؤلّف إلى الظلم الذي تعرّض له هؤلاء المبدعون، الذين كانوا يستحقّون وقفات تأمّلية أكبر في إنجازاتهم، فقد ركّز على أعمالهم وعرّف بها، مثل مسلمة المجريطي، وأبو السمح الغرناطي، وابن الصفّار، والكرماني، والزهراوي، وغيرهم، إلى جانب دراسة الخيميائيين الذين عرفتهم الأندلس، منذ وصول عبد الرحمن الداخل سنة 756 إلى سقوط الخلافة سنة 1030.
مؤلّف الكتاب آنخيل ألكلا مالابي، من مواليد مالقة، إسبانيا، سنة 1968. وهو صحفي وطبيب علاج تجانسي، ومستعرب إسباني متخصّص في الفلسفة والطب والتصوّف في الأندلس. عمل أستاذاً لفلسفة الاتصال والرأي العام في جامعة بيورا، بالبيرو، وله عدد من الكتب والمؤلّفات منها: "إسبانيا أو الضمير الذي أسيئت معاملته" (1997) ورواية"، "الأصل الخيميائي للمعالجة التجانسية والعلاج بالزهور: من مصر إلى أفلاطون، ومن الأندلس إلى إدوارد باخ (2011)".
والمترجمة خديجة بنياية: من مَواليدِ بليونش، تطوان، شمال المغرب، حاصلة على الإجازة في الأدب الإسباني (1995)، وعلى دبلوم الدراسات العليا المعمّقة (1997)، كما أنها حاصلة على درجة الدكتوراه في اللغة الإسبانية، من جامعة غرناطة (إسبانيا)، برسالة موضوعها «دراسة فـي التصوّف المسيحي والإسلامي من خلال أعمال ابن عربي المرسي والقديس يوحنا الصليب». وهي منخرطة في سلك التعليم الثانوي، بوزارة التربية الوطنية بالمغرب، وتعمل أستاذة للغة الإسبانية منذ سنة 1996.