ع
ع
مركز أبوظبي للغة العربية يصدر "تاريخ الكتابة" للكاتب ستيفن روجر فيشر

صدر حديثاً عن مشروع "كلمة" للترجمة في مركز أبوظبي للغة العربية كتاب "تاريخ الكتابة" للكاتب ستيفن روجر فيشر، ونقلته إلى العربية رشا صلاح الدخاخني، وراجع الترجمة محمد فتحي خضر.

 

يقدم هذا الكتاب قراءة أولية مفيدة لطلاب الجامعات وغيرهم ممن يتوقون إلى الحصول على عرض عام وحديث لتاريخ الكتابة الرائع، وتضم الموضوعات المحورية لهذا الكتاب أصول أنظمة الكتابة الرئيسة المستخدمة في مختلف أنحاء العالم، ونصوصها وأشكالها وأدوارها والتغيرات الزمنية التي طرأت عليها.

 

ويتناول فيشر الديناميكيات الاجتماعية للكتابة في كل مرحلة من المراحل؛ فمنذ ظهور الإنسان المنتصب، يبدو أن البشر ميزوا أنفسهم عن الكائنات الأخرى من خلال تكوين مجتمعات بشرية قائمة على الكلام، والآن ما يميز الإنسان العاقل في العصر الحديث هو مجتمع عالمي قائم بشكل أساسي على الكتابة.

 

في السابق كانت الكتابة مجالاً متخصصاً تقتصر ممارسته على بضعة آلاف نسمة، أما اليوم فتعد الكتابة مهارة يمارسها نحو 85 في المائة من سكان العالم؛ أي نحو خمسة مليارات نسمة، ويستند المجتمع الحديث بأجمعه على ركيزة الكتابة.

 

الآن، انقرضت أغلب أنظمة الكتابة والخطوط التي كانت موجودة في العصور البائدة، ولم يتبق سوى آثار ضئيلة لأقدم أنظمة الكتابة -اللغة الهيروغليفية المصرية- التي لا نكاد نلاحظ أثرها في الألفبائية اللاتينية المستخدمة اليوم لنقل اللغة الإنجليزية وغيرها من مئات اللغات الأخرى، وفي سلسلة من التطورات التصادفية، صارت الألفبائية اللاتينية أهم نظام للكتابة على مستوى العالم، وبالرغم من أنها وسيلة لنقل اللغة، فمن المحتمل أن تعيش مدة أطول من معظم اللغات المألوفة على كوكب الأرض، ويمكن تقدير الطريقة التي تستخدمها البشرية اليوم في الكتابة، وأهميتها الأكبر نطاقاً بالنسبة إلى المجتمع العالمي الناشئ، على نحو أفضل من خلال فهم المنبع الذي نشأت منه الكتابة، وهو موضوع هذا الكتاب.

 

وتثير الكتابة اهتمام الجميع، فمنذ ما يقرب من ستة آلاف عام، احتضن كل عصر من العصور هذه الأعجوبة، الأداة الأكثر تنوعاً وإمتاعاً للمجتمع بحق، واليوم تستقطب الكتابة القديمة اهتماماً خاصاً، لأنها تسمح للماضي بأن يتحدث إلينا بلغات انقرضت منذ زمن طويل، وهنا، تصبح الكتابة أشبه بآلة مثالية للسفر عبر الزمن، كما أن أنظمة الكتابة والخطوط في حالة تغير مستمر أبد الدهر، ولكن على نحو أبطأ بكثير من اللغات التي تنقلها.

 

بيد أن الكتابة أكثر من مجرد "رسم للصوت"، على حد تعبير الفيلسوف الفرنسي فولتير، لقد أصبحت الكتابة أداة مثالية لنقل المعرفة البشرية "العلوم"، ووسيطاً ثقافياً للمجتمع "الأدب"، ووسيلة للتعبير الديمقراطي والإعلام الجماهيري "الصحافة"، وأحد أشكال الفن في حد ذاتها "فن الخط"، إذا اقتصرنا على ذكر بعض مظاهر إبداعات الكتابة، واليوم، تتعدى أنظمة الكتابة القائمة بالكامل على التواصل الإلكتروني، بسرعة على ما كان -وما يزال حتى الآن- اختصاص الكتابة القائمة على الكلام، تستطيع أجهزة الحاسوب أن "تكتب" كلاً من الرسائل وأوامر البرامج بأكملها، وتتبادلها فيما بينها، وفي الوقت نفسه، تطور أنظمة جديدة خاصة بها تتفوق على كل ما أدركنا أن كلمة الكتابة تصفه، وحتى المواد المستخدمة في الكتابة تمر بتغيرات مهولة؛ فالحبر الإلكتروني على الشاشات البلاستيكية، الرقيقة مثل الورق، ربما يحل محل المادة التقليدية المنتشرة -الورق- التي حلت هي نفسها محل جلود الحيوانات فيما مضى، فالكتابة تتغير بتغير ملامح الإنسانية؛ إنها بمثابة مقياس لحالة الإنسانية.

 

المؤلف ستيفن روجر فيشر هو عالم لغويات نيوزيلندي، شغل منصب مدير معهد اللغات والآداب البولينيزية في أوكلاند، نيوزيلندا، وانتخب زميلاً للجمعية الملكية في نيوزيلندا في عام 2010، ألف أكثر من 150 كتاباً ومقالاً عن اللسانيات، وكثيراً ما يستشهد به لإسهاماته في فك رموز النصوص القديمة، ومن أعماله "تاريخ القراءة"، الذي صدرت ترجمته العربية عن مشروع كلمة، و"تاريخ اللغة".

 

أما رشا صلاح الدخاخني، فهي مترجمة مصرية تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة، عام 2006، وحصلت على دبلوم الترجمة القانونية ودبلوم ترجمة الأمم المتحدة من الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 2013، وتعاونت على مدار مسيرتها المهنية مع عدد من دور النشر المصرية والعربية، وحصلت مؤخراً على جائزة "الترجمة للشباب" لعام 2023 من المركز القومي للترجمة بجمهورية مصر العربية، عن ترجمتها لكتاب "رفقة الغرباء: تاريخٌ طبيعي للحياة الاقتصادية".

00:00
00:00