يشارك مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، في فعاليات الدورة الـ77 من معرض فرانكفورت للكتاب، أحد أبرز الملتقيات الثقافية العالمية وأكبرها في مجال صناعة النشر، والذي تنطلق فعالياته خلال الفترة من 15 إلى 19 أكتوبر 2025، في مدينة فرانكفورت الألمانية، بمشاركة نخبة واسعة من الكتّاب والمثقفين والناشرين من مختلف دول العالم.
وتأتي مشاركة المركز هذا العام في إطار إستراتيجيته الرامية إلى ترسيخ حضور اللغة العربية في الساحة الدولية، وتعزيز مكانة أبوظبي مركزاً محورياً للثقافة والإبداع؛ إذ سيستعرض أمام الجمهور الأوروبي والعالمي مجموعة من مشاريعه الرائدة في مجالات الترجمة والنشر والجوائز الأدبية وتنظيم الفعاليات الثقافية الكبرى، إلى جانب العمل على توسيع شبكة شراكاته الإستراتيجية مع مؤسسات ألمانية ودولية رائدة في قطاع النشر والإبداع.
وقال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: "تمثل مشاركتنا في معرض فرانكفورت للكتاب امتداداً لمسيرة الشراكة الثقافية التي نسعى من خلالها إلى ترسيخ حضور الأدب والفكر العربيين على الخريطة العالمية، وإبراز الدور الحيوي لأبوظبي كمركز للترجمة والنشر وصناعة المعرفة، ويحرص المركز من خلال برامجه ومبادراته على بناء جسور حوار وتواصل مع مختلف الثقافات، بما يعزز التنوع والإبداع ويتيح فرصاً متجددة أمام المبدعين والناشرين والباحثين لإثراء الحراك الثقافي على المستويين الإقليمي والدولي".
وأشار سعادته إلى أن معرض فرانكفورت للكتاب، منصة دولية مرموقة لمناقشة التوجهات المستقبلية في صناعة النشر، واستشراف التحديات والفرص التي تفرضها التحولات الرقمية المتسارعة، مؤكداً أن مشاركة مركز أبوظبي للغة العربية في هذا المحفل العالمي تجسد رؤية دولة الإمارات في دعم الثقافة كرافعة أساسية للتنمية المستدامة، وتسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الدولي، وتوسيع دائرة تأثير الكتاب العربي في المشهد الثقافي العالمي.
ويتضمن برنامج المركز خلال المشاركة مجموعة من المبادرات والفعاليات النوعية، من أبرزها توقيع مذكرة تفاهم مع شركة «آراب بوك فيرس» لإطلاق مشروع «المكتبة العربية الرقمية»، الذي يهدف إلى إتاحة المحتوى العربي للقارئ العالمي ومواكبة التطورات التقنية في صناعة النشر، وذلك بحضور يورغن بوز، مدير معرض فرانكفورت للكتاب. كما ينظم المركز حفل استقبال رسمي في جناحه يوم الافتتاح، للتعريف بمشاريعه ومبادراته الداعمة لصناعة النشر، واستعراض المنح والبرامج التي يقدمها سنوياً ضمن معرض أبوظبي الدولي للكتاب، بحضور ناشرين وصنّاع قرار من مختلف أنحاء العالم.
وفي إطار الفعاليات الأدبية، ينظم المركز جلسة حوارية بعنوان «القصص المصوّرة في العالم العربي: من الهامش إلى الواجهة» يوم 17 أكتوبر، بمشاركة الرسامة الألمانية كاتارينا غروسمان-هنسل، والخبيرة في نشر كتب الأطفال ميري ميلكونيان، وتتناول الجلسة تطور فن الكوميكس العربي، والتحديات التي تواجه صناعته، مثل محدودية النشر، وندرة التوزيع، والعوائق الاجتماعية، بالإضافة إلى فرص انتشاره عبر المنصات الرقمية. كما يسلط المركز الضوء على مشروع «كلمة» الرائد في مجال الترجمة منذ العام 2007، والذي يسعى إلى تعزيز الحوار الحضاري بين الشعوب.
أما يوم 19 أكتوبر، فيستضيف المركز على مسرح فرانكفوت الدولي في المعرض جلسة حوارية بعنوان «كيف يقرأ شباب الإمارات وألمانيا؟» بمشاركة جوليا بالوغ، خبيرة في مجال النشر وحقوق الملكية الفكرية ، والباحثة الإماراتية موزة جاسم، رئيسة تحرير في مشروع «كلمة»، ويُدير الجلسة الصحافي سعيد سعيد من صحيفة «ذا ناشيونال». وتناقش الجلسة أوجه التشابه والاختلاف في عادات القراءة لدى الشباب في الدولتين، وتأثير التعليم والتكنولوجيا على تشكيل ثقافتهم الأدبية، إضافة إلى مناقشة دور المبادرات الحكومية والخاصة في تعزيز ثقافة القراءة، مع إبراز الفوارق في الاهتمامات الأدبية والأنواع المفضلة لدى الشباب في كلا البلدين.
وفي الإطار ذاته، ينظم جناح المركز فعاليات خاصة بجائزة الشيخ زايد للكتاب، إذ تعقد الجائزة جلستين نوعيتين، الأولى بعنوان «الكلاسيكيات اليوم – آفاق جديدة في الأدب العربي» يوم 17 أكتوبر، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين الدوليين، وهم البروفيسورة بياتريس غريندلر أستاذة اللغة والأدب العربي في جامعة برلين الحرة، والبروفيسور هاكان أوزكان من جامعة إيكس-مارسيليا، والبروفيسور موريس بومرانتز، أستاذ مشارك للأدب ودراسات ملتقى الطرق العربية ومدير أول لمعهد جامعة نيويورك أبوظبي، إلى جانب الكاتب والباحث والمستعرب شتيفان فايدنر، لمناقشة أبعاد جديدة لدراسة الأدب العربي الكلاسيكي وتطويع النظريات الحديثة لقراءته.
أما الجلسة الثانية فتعقد يوم 18 أكتوبر بعنوان «هدى بركات – هند أو أجمل امرأة في العالم»، وتسلط الضوء على العمل الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الآداب للعام 2025، بمشاركة الكاتبة هدى بركات إلى جانب الصحافية لينا بوب من صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج»، للوقوف على الأبعاد الفنية والإنسانية للرواية.
ويسعى المركز من خلال أجندة اللقاءات المهنية في فرانكفورت إلى مواءمة أفضل الممارسات العالمية مع محاور برنامج معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته المقبلة، واستقطاب دور نشر من أسواق آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا وأوروبا الوسطى والشرقية، وفتح قنوات تعاون مع منصات النشر الرقمية والسمعية، وتفعيل مبادرات لتمويل الترجمة ودعم توزيع الحقوق ما سيسهم على المدى القصير في إبرام اتفاقيات تعاون وتبادل محتوى، وعلى المدى الطويل في بناء منظومة متكاملة للنشر والترجمة باللغة العربية تضمن وجوداً مستداماً للمؤلفات العربية في المكتبات والأسواق الدولية.
ويؤكد مركز أبوظبي للغة العربية أن المشاركة في معرض فرانكفورت للكتاب تتجاوز كونها مجرد تواجد في حدث عالمي بارز، وإنما تجسد التزاماً برؤية الإمارات الثقافية، وتأسيس شراكات ومشاريع عملية تسهم في تطوير قطاع الكتاب العربي، وتفتح آفاقاً أوسع للتعاون الدولي، بما ينعكس إيجاباً على المشهد الثقافي المحلي والإقليمي، ويمهد الطريق للدورة القادمة من معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
يُذكر أن معرض فرانكفورت الدولي للكتاب اختار هذا العام الفلبين ضيف شرف، بمشاركة أكثر من 4,300 عارض من 92 دولة، ويعد المعرض المنصة العالمية الأبرز للتواصل بين الناشرين وخبراء الصناعات الإبداعية من السينما إلى الألعاب الرقمية، بما يتيح فرصاً واسعة لتبادل الخبرات واستكشاف مجالات تعاون جديدة.