في ختام فعاليات الدورة الرابعة من كونغرس العربية والصناعات الإبداعية في أبوظبي 2025، أُعلن عن الفائزين بجائزة "ابتكار الشباب"، المنظمة من قبل مركز أبوظبي للغة العربية بدعم من أمازون ويب سيرفيسز (AWS).
تهدف الجائزة إلى إلهام الشباب وتحفيزهم على تقديم أفكار جديدة ومبتكرة، تُسهم في تعزيز شغفهم باللغة العربية. واشتملت موضوعاتها: استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لتقديم حلول ذكية تقرّب اللغة العربية من جيل اليوم، واستخدام الأدوات الرقمية لابتكار قصة أو فكرة أو تجربة تعكس جمالها بأسلوب عصري، إضافةً إلى استلهام فنون الخط العربي، أو التراث، أو الرموز البصرية، ومنحها حياة جديدة من خلال تصاميم معاصرة تعبّر عن روح الإبداع.
حضر حفل توزيع الجوائز الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وأعضاء لجنة التحكيم، وهم: محمد علاء الدين، رئيس مهندسي الحلول من شركة أمازون، والدكتورة هنادة طه، أستاذة اللغة العربية ومديرة مركز اللغة العربية للبحوث والتطوير في جامعة زايد، والأستاذة سارة صدوق، مديرة الابتكار في شركة " انتربرينور ".
وقال سعادة الدكتور على بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: "إن جائزة الابتكار -ضمن برنامج كونغرس الشباب- منصة تستهدف تمكين الجيل الجديد، وتوجيه طاقاته الإبداعية في خدمة اللغة العربية وصناعاتها المستقبلية".
وأضاف: "هذا توجه ينبغي أن تتضافر من أجله جميع الجهود؛ فهو استثمار استراتيجي يُثري الصناعات الإبداعية العالمية بذخائر الإبداع العربي، ويمد جسوراً قوية نحو مستقبل يصنعه شباب مسلح بمعرفة حقيقية بمدى عمق لغته، وثقافته، وما تزخر به من خيال، وجمال، وعلم، وفكر، وأدب، وفلسفة، وفن".
وأشار رئيس مركز أبوظبي للغة العربية إلى أثر مثل هذه المبادرات في ترسيخ الاستثمار المستدام في القوى العاملة، والبنية التحتية الإبداعية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي القائم على الثقافة.
وتابع: "يعكس كونغرس الشباب وجائزته، المكانة الكبيرة التي تحظى بها الثقافة، واللغة العربية، في منظومة التحوّل الرقمي المتقدّمة بدولة الإمارات، ورؤية القيادة الحكيمة لأهمية استدامة القطاع الثقافي والإبداعي، والارتقاء به إلى أفضل المستويات، وتعزيز دوره في خطط الاستثمار في الإنسان، الذي تعمل من أجله كل خطط التنمية في الدولة".
وأكد أن المبادرة تستثمر بذكاء النموّ الاستثنائي المتوقع في دولة الإمارات خلال السنوات المقبلة، وأضاف: "واجبنا أن نبذل أقصى الجهود لإتاحة الفرص للشباب، الطلاب والمهنيين والمبدعين وتوجيههم للتألق في أحد أكثر القطاعات ازدهاراً وحيوية. ولا شك في أن "كونغرس العربية والصناعات الإبداعية" من العاصمة أبوظبي، أحد أهم محركات هذا التوجه؛ بوصفه المنصة العالمية الأولى المكرّسة لإبراز طاقات الشباب، وتأهيلهم لقيادة مسيرة الإبداع العربي نحو المستقبل".»
وذهبت الجوائز إلى 6 مشروعات في فئتي طلاب الجامعات وروّاد الأعمال الشباب؛ وكانت جائزة المركز الأول في فئة طلاب الجامعات من نصيب مشروع "بيان"، وهم مجموعة من الشباب أنشأوا منصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد على تعليم الكلمات العربية، وتركّز على إكساب المتعلمين طلاقة حقيقية في اللغة العربية، سواء في الفصحى أو في اللهجات العامية، بما يجعلها أشبه بـ«دولينغو» العالم العربي، بينما ذهبت جائزة المركز الثاني إلى الطالبة مريم حامد محمود، عن مشروع "التراث في الواقع الافتراضي"، الذي يوفّر تجربة غامرة وتفاعلية لتعلّم اللغة العربية واللهجات المحلية من خلال مواقف حياتية واقعية، فيما حصلت الطالبة سارة محمد الغافري، على المركز الثالث عن مشروع "صوت التراث"، وهو تطبيق كتاب قصصي عربي تفاعلي يعيد ابتكار طريقة تفاعل المتعلمين مع اللغة العربية؛ فبدلًا من الاعتماد على التكرار والحفظ، يستخدم التطبيق أسلوب السرد المصوّر، وألعاباً مشوقة، وعناصر قابلة للنقر داخل القصة تشرح ليس فقط المعاني، بل الماضي والحاضر والمستقبل المرتبط بالعنصر ونقاط التفاعل الثقافي، لجعل تعلم العربية تجربة سهلة وممتعة.
أما فئة رواد الأعمال الشباب، فقد نال المركز الأول كل من أروى عبود، وسارة علام، ومارية بن خليفة عن مشروع "كتابي صديقي مع الذكاء الاصطناعي"، وهو عبارة عن منصة ذكية مبتكرة مصممة لإضفاء الحيوية على كتب PDF العربية. تتيح للقراء التفاعل مع القصة من خلال محادثات مكتوبة وشفوية مع روبوت دردشة، مما يجعل القراءة أكثر تفاعلية وإثراءً ومتعة، في حين فازت بالمركز الثاني المهندسة الكيميائية هند النهدي، عن مشروع "دقيقة"، وهو مبادرة تُعيد للغة العربية حضورها في تفاصيل حياتنا اليومية، من خلال استغلال لحظات الانتظار في المستشفيات، والمطارات، والأماكن العامة، عبر رموز استجابة سريعة (QR) تقودك إلى قصة قصيرة أو رسالة مُلهمة، في دقيقة واحدة فقط، لكنها كفيلة بزرع عادة، وإحياء هوية، وصناعة فرق حقيقي. وذهب المركز الثالث إلى كريستيان خير الله، الشريك المؤسِّس والرئيس التنفيذي لشركة "آراليكتس"، عن مشروع "مكنونة"، هو أول معجم واسع النطاق للهجة العربية الفلسطينية، يوثق ثراء لهجة طالما تعرضت للتهميش. حظي "مَكنونة" بدعم شخصيات فكرية عالمية مثل نعوم تشومسكي، وإيلان بابيه، وآفي شلايم، الذين وصفوه بأنه:" إسهام ضخم في صون الهوية الثقافية الفلسطينية".
كما استطاع جميع المشاركين في الجائزة التفاعل مع خبراء متخصصين من أنحاء العالم بما يسهم في تمكين المواهب الشابة وتعزيز منظومة ريادية تتيح لهم التواصل مع الأسواق العالمية، واستثمار إبداعاتهم عبر بناء شبكة علاقات مع خبراء وشركات رائدة في الصناعات الإبداعية.
وخلال هذه الدورة، قدّم كونغرس الشباب مجموعة من البرامج والمبادرات المخصصة لدعم الشباب وتمكينهم من تطوير مهاراتهم وبناء شبكة علاقات متميزة في مجالات الابتكار والصناعات الإبداعية عبر "ورش بناء القدرات" بالتعاون مع شركات عالمية ورواد فكر في مجالات متعددة.
حيث تعاونت شركة غوغل في تقديم ورشة حول الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة، فيما قدّمت منصة "تيك توك" ورشة في صناعة المحتوى الإبداعي. وجاءت ورشة التصميم الجرافيكي والابتكار البصري بالتنسيق مع "أدوبي"، أما ورشة تقنيات السرد الرقمي فكانت بالشراكة مع منصة "سرد". كما دعمت "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS) ورشة تطوير التطبيقات السحابية، في حين قُدّمت ورشة الإعلام الرقمي والتصوير بالتعاون مع منصة "سناب".
في سياق متصل، أتاح الكونغرس هذا العام فرصة استثنائية للشباب عبر برنامج "سفراء الشباب"، الذي أتى تحت شعار "من الشباب إلى الشباب". فقد اختار البرنامج عشرة طلاب ورواد أعمال شباب من مختلف أنحاء العالم، يجمعهم شغف باللغة العربية والتكنولوجيا والصناعات الإبداعية، ومنحهم فرصة فريدة للتدريب العملي في قلب الحدث، وتوسيع شبكة علاقاتهم المهنية، والتفاعل مع شباب متميزين في مجالاتهم.
في عالم الإعلام، برز الطالب أحمد بن كوير من خلال مشاركته في التغطية الإعلامية للكونغرس ضمن فريق التصوير والإنتاج، بينما أظهر الشاب محمد بلفقيه مهارات لافتة في التواصل والخطابة، ما دفع الفريق المنظم إلى منحه فرصة تقديم حفل جوائز الشباب أمام جمهور محلي ودولي.
ومن تونس، شارك صانع المحتوى ومخرج الأفلام القصيرة سامي الشافعي في البرنامج، واصفًا تجربته بأنها "فريدة وملهمة"، بعد أن أتيحت له فرصة لقاء والتفاعل مع شخصيات عربية بارزة في السينما والإعلام، مثل الفنانة والمنتجة هند صبري، والممثلة والمخرجة الحائزة على جوائز عالمية نادين لبكي، والممثل والكاتب والمنتج والمخرج وفنان الستاند-أب كوميدي الحائز على عدة جوائز مو عامر. واعتبر سامي هذه اللقاءات "مصدر إلهام لتحفيز الإبداع وتطوير خبراته الفنية."
كما استضاف الكونغرس مجموعة من طالبات الدكتوراه في اللغة العربية من جامعات دولية، اللواتي عبّرن عن امتنانهن للتجربة الثرية التي منحن إياها، إذ أتيحت لهن فرصة التواصل مع شباب عرب متميزين والتعرف على ثقافة إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة. وأبدين رغبة قوية في أن يصبحن سفراء للكونغرس في بلدانهن، وتشجيع زملائهن على المشاركة في المستقبل.
وأجمع المشاركون الشباب على أن البرنامج شكل تجربة فريدة، إذ لم يقتصر على نقل المعرفة النظرية فحسب، بل أتاح لهم تطبيقها عمليًا والتواصل المباشر مع رواد الأعمال وصناع القرار، وهو العنصر الذي تفتقر إليه كثير من البرامج والمؤتمرات التقليدية.