احتفت الدورة الثالثة والثلاثون من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، التي اختتمت أعمالها مؤخّراً في العاصمة أبوظبي، بالإرث الثقافي الغني للأديب والروائي المصري "نجيب محفوظ"، الشخصية المحورية لهذه الدورة وأول أديب عربي يفوز بجائزة نوبل في الأدب، والذي اختير شخصية محورية للحدث في دورة هذا العام، من خلال برنامج شامل ومتنوّع استعرض إنجازاته وتأثيرها الفاعل في إثراء الفكر والمعرفة عربياً وعالمياً.
أتاح برنامج الشخصية المحورية "نجيب محفوظ" مساحة للغوص في عوالم هذه الشخصية الغنية المبدعة، وخفاياها، ونشأتها، والوقوف عند نتاجها، بالدراسة والتذوّق والتحليل، إضافة إلى قراءة معمّقة ونقدية ترصد تأثيره في مختلف جوانب الثقافة والفنون الأخرى. كما وفّر البرنامج فرصة نادرة للتماهي مع الشخصية والتعرّف على مكنوناتها، خصوصاً مع وجود الأدوات السمعية والبصرية، والندوات والجلسات الحوارية، التي شكّلت لوحة ملهمة وشاملة عن حياة ونتاج "نجيب محفوظ".
توزّع برنامج الشخصية المحورية على فعّاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب وأنشطته، إذ غطى أبرز جوانب حياة "نجيب محفوظ" ومسيرته. كما خصّص جناحاً لعرض أهم إنجازاته، واستعراض تاريخ حياته في تجربة غامرة حملت الزوّار إلى عوالم نجيب محفوظ، وأطلعتهم على تأثيره الأدبي والإنساني. بالإضافة إلى جلسات يومية ضمن البرنامج الثقافي للحدث.
وسعى المعرض عبر برنامج الشخصية المحورية إلى الإضاءة على الإسهامات الجلية للأديب والروائي نجيب محفوظ الذي أثّرت مؤلّفاته في تشكيل وعي جيل بأكمله، فضلاً عن إبراز دورها في تعزيز مكانة اللغة العربية.
تناول برنامج الشخصية المحورية "نجيب محفوظ" محاور متنوّعة في جلسات عديدة استضافت كوكبة من الأدباء والمفكّرين والفنّانين من مختلف أنحاء العالم العربي ليستعرضوا تأثير محفوظ الخالد. ومن أبرز هذه الجلسات: "نجيب محفوظ .. مرآة التاريخ والمجتمع"، التي ناقشت أعماله من منظور علمَي الاجتماع والتاريخ؛ و"البدايات والخواتيم"، التي أضاءت على أعمال نجيب محفوظ الأولى وأعماله الأخيرة؛ و"شلّة الحرافيش"، التي استضافت شخصيات كانت مقرّبة من نجيب محفوظ وتناولت ذكرياتهم معه؛ و"نجيب محفوظ والنقد"، التي طرحت علاقته بهذا الفن وأهم الاتجاهات والتيارات التي تناولت أدب نجيب محفوظ.
كما تضمن البرنامج الثقافي للشخصية المحورية جلسة "نجيب محفوظ، ويبقى الأثر"، التي تحدّثت عن أهم مقتنيات ووثائق ومتاحف نجيب محفوظ؛ والطاولة المستديرة "نجيب محفوظ في عيون العالم"، التي ناقشت ترجمة أعماله إلى لغات العالم المختلفة. وتناولت جلسة "أحفاد نجيب محفوظ" تأثيره على الأجيال الجديدة من الروائيين العرب، وتطرّقت جلسة "عوالم نجيب محفوظ" إلى الموسيقى والأغاني في الأفلام المأخوذة عن رواياته، وكذلك تأثير الموسيقى في حياته، وناقشت جلسة "نجيب محفوظ على الشاشة" أعماله في السينما. وفي جلسة "نجيب محفوظ ملهماً"، استُعرضت الأعمال الفنية المستوحاة من عالم نجيب محفوظ، في حين أطلقت جلسة "روايات نجيب محفوظ بشكل جديد" الروايات المصوّرة للراحل للمرّة الأولى من معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وفي إطار برنامج الشخصية المحورية، أفرد معرض أبوظبي الدولي للكتاب جناحاً خاصاً لنجيب محفوظ بلغت مساحته 120 متراً مربعاً، لاستعراض حياته وإنجازاته باستخدام التقنيات البصرية والصوتية. وقد استوحى الجناح تصميمه من الحارة المصرية التي جسّدها محفوظ في أعماله، واستعرض أهم رواياته، وقدّم عرضاً لمجموعة متميّزة من الصور ومجموعة كبيرة من صور كواليس الأفلام المأخوذة من رواياته. كما شمل الجناح عرضاً لبعض المقتنيات الموقّعة من محفوظ، وعرضاً لنسخ نادرة للطبعات الأولى من روايته "أولاد حارتنا".
واستضاف المعرض أيضاً جدارية خاصة جسّدت الأعمال التاريخية الفرعونية لنجيب محفوظ، قدّمها فنان الجرافيتي أحمد نوفل. كما نظّم للعام الثاني على التوالي مسابقة للمدارس تضمّنت أعمالاً عن الشخصية المحورية للمعرض، وكُرّمت المدارس الفائزة خلال أيام المعرض.