أصدر مركز أبوظبي للغة العربية، من خلال مشروع "كلمة" للترجمة، الترجمة العربية لرواية "الحرب الخفية"، للكاتب الفرنسي جان مارك مورا ، أنجزتها المترجمة والأديبة اللّبنانيّة ماري طوق، وراجعها وقدّم لها الشّاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في باريس كاظم جهاد.
وحسب مقدّمة المُراجع، صدرت "الحرب الخفيّة" عام 2018 قبل جائحة (كورونا) بأقلّ من عامين، وفي ذلك مصادفة شيقة، ووصلت إلى التّصفية النّهائيّة لجائزة رونودو للرّواية. وتدور قصتها حول الفتاة ليلي التي تنشأ بلا أبوين في بدايات القرن العشرين ، واسمها في البداية هو ليليت، وبين الدّلالة المحايدة للاسم "ليلي" وتلك المعبّأة بمحمول أسطوريّ معروف للاسم "ليليت"، يقوم في حياة هذه المرأة ووعيها صراع محتدم ومستمرّ يقف القارئ على تفاصيله المقلقة، ولعلّه يلخّص كاملَ سرّ الرّواية وشخصيّـتها المحوريّة.
بعد تجارب مريرة في مؤسّسة كنسيّة يمارس بعض رهبانها وراهباتها طقوساً شيطانيّة، تضع ليلي قدراتها العلميّة وحدسها العميق في خدمة عالِم فلمنكيّ، وتكشف له عن المصدر الحيوانيّ للفيروس المتسبّب بالإنفلونزا الإسبانيّة. ثمّ تندم على ذلك أشدّ الندّم عندما تكتشف التناقض المُريع لهدفَيهما في البحث: فهي تسعى إلى تشخيص الفيروس وإيجاد طُعم ينقذ البشريّة من أضراره، وهو يسعى لاستخدامه لصالح فرنسا في هجمات جرثوميّة أو بكتريولوجيّة على الألمان، الذين كانوا يسعون هم أيضاً إلى تحقيق الهدف ذاته، وكلّ جيش ينشط في هذا المسعى من خلال علمائه ومختبراته الملحقة بقوّاته. وعبثاً تسعى ليلي إلى إيقافه، ثمّ تختفي الجائحة كما ظهرت، بعد إيقاعها مئات آلاف الضحايا، وتضع الحرب العالميّة الأولى أوزارها، وينتهي الأمر بليلي/ليليت إلى الجنوح إلى ليل الوعي، على أحد أسرّة مستشفى سانت آنّ الباريسيّ للأمراض العصبيّة.
هكذا، وكما كتب المُراجع، يتَجابه في "الحرب الخفيّة" عالَمان هما على طرفَي نقيض: عالم البراءة والموهبة والإيمان بالعِلم الحقّ، وعالَم الشّعوذة والدّجل الدّينيّ والِعلميّ واستغلال المواهب والقدرات لغايات إجراميّة. وإذا بالجائحة تضيف نفسها إلى حرب البشر، بصفتها حرباً شعواء أخرى، لا من خلال خفائها المُلغِز وانتشارها وأذاها المريعَين فحسب، بل بفعل الجشع الآثم لبعض البشر أيضاً.
يُذكر أن مؤّلف الرّواية جان مارك مورا وُلد في مونتروي سو بوا بفرنسا في عام 1956، وهو كاتب وأكاديميّ عُرف في مجال الأبحاث الأدبيّة بإنتاجه الغزير المجدِّد. ثمّ أضاف إلى رصيده العلميّ سمعة روائيّ مرموق، مقلّ، ربّما، في الإبداع السّرديّ. منذ أبحاثه الأولى عُني مورا بحضور الآخَر والغريب في الأدب الفرنسيّ والأوروبّي، فكتب عن العالَم الثالث في الأدب الفرنسيّ، ونشر عدّة مؤلّفات فرديّة وجماعيّة ساهم عبرها في إدخال التأويل ما بعد الاستعماريّ للأدب، ودراسات في الآداب الفرانكفونيّة، وفي العولَمة والأدب، وفي الدّعابة وتجليّاتها الإبداعيّة، ثمّ في مناهج تحليل الأدب المقارن.
أمّا ناقلة الكتاب إلى العربيّة، ماري طوق، فهي مترجمة لبنانية، مجازة في الأدب الفرنسي، نشرت قصائد ومقالات وشاركت في عدّة ورش ترجميّة في فرنسا وفي العالم العربيّ. ترجمت أبحاثاً وروايات وأشعاراً لأدباء عرب وعالميّين منهم: ياسوناري كاواباتا، وبيتر هاندكه، وسيمون دو بوفوار، وميلان كونديرا، وجوزيف روث، وجيرار دونرفال، وسمير قصير، وفاروق مردم بك، والياس صنبر، وفرانز فانون وغيرهم الكثير. وصدر العديد من ترجماتها عن "مشروع "كلمة" للترجمة.