تحظى الفلسفة باهتمام كبير من مركز أبوظبي للغة العربية، تقديراً لمكانتها ودورها الجوهري في دفع عجلة تقدم الحضارات.
وفي مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة، الذي يصادف ثالث خميس من شهر نوفمبر، قال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب: "تتجذر الفلسفة في أعماق الحضارة العربية، ونستطيع بسهولة أن نتلمس آثارها، ليس فقط عند فلاسفتها الكبار؛ أمثال الكندي وابن النفيس والفارابي وابن الهيثم وابن رشد، ولكن أيضاً لدى شعراء العربية الكبار؛ أمثال أبي الطيب المتنبي وأبي العلاء".
وأضاف: "لا يخفى على قرّاء الشعر العربي ما تكتنزه تجربة الشيخ زايد، رحمه الله، من بُعد فلسفي وحكمة أصيلة، وقد اهتمت دولة الإمارات منذ تأسيسها بالفلسفة؛ فكانت جزءاً من المناهج الدراسية، وهو الجهد الذي تستكمله مبادرات مهمة؛ منها برنامج بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق، الذي أطلقته جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، ومبادرة بيت الفلسفة بالفجيرة، وما يديره من مشاريع مهمة".
وقال سعادته: "في هذا الإطار، يولي مركز أبوظبي للغة العربية الفلسفة عناية كبيرة، إدراكاً منه لأهميتها في دعم كل حراك ثقافي وفكري وتنموي، تحقيقاً لرؤية أبوظبي التي دأبت على استضافة الفلاسفة والمفكرين لخدمة عملية التواصل الثقافي، واهتمت بتكريم أصحاب الإنتاج الفكري الرفيع ممن أسهموا بأفكارهم في خدمة الإنسانية؛ فقد تجاوز عدد الكتب الفلسفية الصادرة عن مشروع كلمة للترجمة الـ43 كتاباً، تُعد مرجعاً لكل راغب في التعرف على حركة الفلسفة في العالم، كما كرّمت جائزة الشيخ زايد للكتاب في دوراتها العديدة نخبة مهمة من الفلاسفة والمشتغلين بالفلسفة، واحتفت بكتبهم التي تصب في خدمة هذا المجال المعرفي الحيوي".
وتضم قائمة الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب نحو عشرة كتب فلسفية، فازت بالجائزة عن فرع "الثقافة العربية في اللغات الأخرى"، ومن أبرز حائزيها الدكتور فرانك غريفيل، عن كتاب "بناء الفلسفة ما بعد الكلاسيكية في الإسلام"، والدكتور داغ نيكولاس هاس، عن اهتماماته الأكاديمية والبحثية بالفلسفة وتاريخها، وخصوصاً فقه الفلسفة اللاتينية وآدابها وعلوم الفلسفة العربية وتأثيراتها في أوروبا، والدكتور دافيد فيرمر عن دراسة قدمها حول فلسفة ابن باجة، والدكتور بنسالم حميش عن كتاب "الذات بين الوجود والإيجاد"، والدكتور رشدي راشد عن كتاب "علوم الرياضيات العربية وتطبيقاتها في مجال البصريات"، والدكتور عبدالرزاق بلعقروز من الجزائر عن كتاب "روح القيم وحرية المفاهيم نحو السير لإعادة الترابط والتكامل بين منظومة القيم والعلوم الاجتماعية"، والدكتور فتحي المسكيني، عن ترجمته لكتاب الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر "الكينونة والزمان"، إلى جانب الأساتذة إليزابيث سوزان كساب، وزياد بو عقل، وناجي العونلي.
كما منحت الهيئة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ومجلس أمنائها الدكتور عبدالله الغذامي من السعودية، جائزة "شخصية العام الثقافية" نظير جهوده المتميزة في ميدان النقد الثقافي والفكر الفلسفي، وهو صاحب كتاب "مآلات الفلسفة".
إلى جانب ذلك، يضم فرع الفلسفة في إصدارات مشروع كلمة للترجمة، أكثر من 43 كتاباً تغطي تاريخ الفلسفة عبر محطاتها التاريخية المفصلية، وتقدم للقرّاء العرب كتباً في فروع الفلسفة المختلفة، وقد تنوعت في مستوياتها ما بين تبسيط الفلسفة وتقديمها للقارئ غير المتخصص، وبين أمهات الكتب الفلسفية لأعلام الفلسفة عبر العصور.
ودرجت دولة الإمارات على المشاركة في الاحتفاء بيوم الفلسفة العالمي، منذ أعلنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للمرة الأولى في 21 نوفمبر 2002، تقديراً للقيمة الدائمة للفلسفة في تطوير الفكر البشري، باعتبارها أداة لتحرير الأفكار، والإسهام في التغيير والتنمية المستدامة، وإحلال السلام، وبناء المجتمعات القوية.