أصدر مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، ضمن مشروع كلمة للترجمة، كتاب "اللغة العالمية: الترجمة والهيمنة" لعالمة الاجتماع والناقدة الفرنسية باسكال كازانوفا، ترجمه إلى العربية القاص والمترجم المغربي محمد الخضيري، وراجعه الشاعر والأكاديمي العراقي د. كاظم جهاد.
ويعد "اللغة العالمية: الترجمة والهيمنة" آخر مؤلفات كازانوفا، وضعته قبل رحيلها عن الحياة في العام 2018، وأثرته بدراسات علم اجتماع الثقافة، والنقد الأدبي الذي اختصت به، ويشير المُراجع في دراسته الممهدة للترجمة إلى أن "أحد المواضيع الأساسية في فكر كازانوفا يتمثل في عدم تكافؤ الفرص الثقافية بين الشعوب، وفي تحكم عدد من العواصم الأوروبية بحركة النصوص، وكذلك نقدها، عبر ما تمنحه لها أو لا تمنحه من فرص الترجمة والانتشار".
يعالج الكتاب موضوع الهيمنة اللغوية، من خلال دراسة علاقة الرومان باللغة الإغريقية وميراثها أولاً، ثم من خلال سعي الفرنسيين لاحقاً إلى الخروج من سطوة اللاتينية، في سياق طويل، مثلت الترجمة الأدبية معتركه الأساسي، كما يحلل طبيعة الترجمة "الاستلحاقية" والاستعادة "الاستحواذية" التي مارسها الفرنسيون على اللغات والثقافات الأخرى، وتشير المؤلفة إلى ظاهرتي الثنائية اللغوية والازدواج اللغوي، وتأثيرهما على الثقافة المحلية، وقد كرّست جزءاً لتحليل آراء الشاعر الإيطالي "جاكومو ليوباردي"، وتحفيزه للإيطاليين كي يخرجوا من الهيمنة الفرنسية، وتحذيره لهم من محاكاة سياسة الفرنسيين "الاستلحاقية" في الترجمة والتأليف.
وتختم كازانوفا كتابها بوقفة عند هيمنة الثقافة "الأنجلو-أميركية" ولغتها اليوم، والاشتراطات التي يكبّل بها سوق الكتاب عمل المترجمين، ومن بين أهم طروحاتها في الكتاب أن الهيمنة اللغوية في جزء كبير منها مسألة اعتقاد، وليست نابعة من معطيات واقعية دوماً، وأن الطريقة المثلى للمقاومة ضد لغة مهيمنة تتمثل في اتخاذ موقف "مارق"، أي هجران التفكير الزائف بوجود تراتب بين اللغات، وعدم الاعتقاد بحظوة هذه اللغة، والاقتناع بالطابع التعسفي لهيمنتها وسلطتها.