قال سعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: "إن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في التحوّل الرقمي الشامل، تجربة استثنائية؛ إذ تتعامل مع الأمر بوصفه نهجاً لتسهيل حياة الناس وتقديم أفضل الممارسات والخدمات لهم، ضمن إطار مفهوم السعادة الذي تضعه القيادة الحكيمة هدفاً أسمى".
جاء ذلك خلال مشاركته ممثلاً لمركز أبوظبي للغة العربية في "منتدى الأردن للإعلام والاتصال الرقمي"، الذي نظمته وزارة الاتصال الحكومي الأردنية، وافتتحه وزير الاتصال الحكومي الأردني الثلاثاء 21 مايو الجاري، تحت رعاية رئيس الوزراء بشر الخصاونة، وسط حضور إعلامي عربي ودولي كبير.
وأشار سعادة الدكتور علي بن تميم إلى المكانة الكبيرة التي تحظى بها الثقافة واللغة العربية في منظومة التحوّل الرقمي المتقدّمة بدولة الإمارات، ورؤية القيادة الحكيمة لأهمية استدامة القطاع الثقافي والإبداعي، والارتقاء به إلى أفضل المستويات وتعزيز دوره في خطط الاستثمار في الإنسان، الذي تعمل من أجله كل خطط التنمية في الدولة.
وقال: "إن اللغة العربية تأتي في مقدّمة مكوّنات الهوية الثقافية للإنسان في دولة الإمارات، تمسّكاً بما في هذه اللغة من ثراء قيمي وعلمي ومعرفي وإبداعي".
وأضاف: "إن اللغة العربية تشهد تحدّيات كبرى في العصر الحالي، خاصة في ظل التطوّرات المتسارعة للتكنولوجيا الحديثة، والتقدّم العلمي في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتغيّر وسائل تلقّي المعرفة والعلوم، وهي تحدّيات تستدعي الانتباه والاستعداد وبذل الجهود".
وقال سعادته: "لا شك أن هناك الكثير من المبادرات والمشاريع العربية التي تصبّ في خدمة هذا الهدف، في عدد من أقطار العالم العربي، ولا يتسع الوقت للحديث عنها كلها، ولكن ينبغي القول إن تجربة دولة الإمارات استثنائية في التحوّل الرقمي الشامل، والتعامل معه كنهج لتسهيل حياة الناس وتقديم أفضل الممارسات والخدمات لهم، ونحن في مركز أبوظبي للغة العربية جزء من هذه المنظومة المتقدّمة التي تسعى لضمان استدامة القطاع الثقافي والإبداعي والارتقاء به إلى أفضل المستويات، وتعزيز حضور اللغة العربية، المكوّن الأبرز في الهوية الثقافية".
وسلّط ابن تميم الضوء على عدد من مشاريع ومبادرات مركز أبوظبي للغة العربية في تعزيز حضور اللغة والثقافة العربيين في الزمن الرقمي، أبرزها: الموسوعة الشعرية، وموسوعة كنز الجيل، ومبادرة التحوّل الرقمي، وأضواء على حقوق النشر، ومشروع بارق للانقرائية، ومعجم دليل المعاني الإلكتروني، ومختبر الذكاء الشعري... وغيرها من المشاريع، وأوضح إنها تعمل وفق معادلة إثراء العربية بالتكنولوجيا، وإثراء التكنولوجيا بالعربية، وأكّد أن اللغة العربية لغة ثرية بالعلوم والمعارف والفنون والآداب، إلا أن هذه الكنوز غير حاضرة بالشكل الذي يليق بها في "الزمن الرقمي" الذي يشير إليه عنوان الندوة.
وقال: "إن العربية في حاجة إلى إجادة استخدام لغة هذا الزمن الرقمي، كما أن هذا الزمن الرقمي في حاجة إلى ثراء اللغة العربية، وداخل هذه المساحة فليتنافس المتنافسون في الخيرات".
أقيم المنتدى احتفالاً باليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبد الله الثاني على العرش، وبالعيد الثامن والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية، وناقش في ثماني جلسات على مدار يومين، بمشاركة ثلاثين متحدّثاً أردنياً وعربياً وعالمياً، موضوعات تتعلّق بالتحدّيات التي يشهدها الإعلام والاتصال العربيين، في ظل التطور التكنولوجي والرقمي، سعياً لتقديم حلول مبتكرة لتعزيز أخلاقيات المهنة وحرّية الإعلام ومواكبة التطوّرات في مجال الإعلام والاتصال الرقمي.
اللغة العربية والبناء الثقافي العالمي
في الإطار نفسه، احتفى الملتقى العلمي الدولي الأول، الذي نظّمه مركز اللغات في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالمملكة الأردنية الهاشمية، بسعادة الدكتور علي بن تميم، ضيف شرف ومشاركاً رئيساً في فعّالياته التي استمرت يومين وتضمّنت عدة جلسات حوارية ومحاضرات قدّمها خبراء في مجالات اللغة والأدب والترجمة والتكنولوجيا اللغوية، وقد ناقشوا مجموعة من المحاور المهمّة منها دور الترجمة في نقل المعرفة بين الثقافات، وتحدّيات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتأثير التكنولوجيا الرقمية على انتشار اللغة العربية.
وثمّن د. بن تميم في كلمته الافتتاحية دورَ الملتقى وسعيه للبحث في مكانة اللغة العربية ودورها في منظومة الثقافة العالمية، والآفاق المستقبلية لهذا الدور الحيوي، وقال: "إن هذا الدور يتقاطع مع مساعي مركز أبوظبي للغة العربية من أجل تعزيز حضور اللغة العربية وتكريسها في نفوس الأجيال الجديدة؛ لتمكينهم من الإفادة مما تحمله من معرفة أصيلة واستثنائية، في مختلف تفاصيل الحياة".
وأكد سعادة الدكتور علي بن تميم، خلال مشاركته في الجلسة التي حملت عنوان "دور اللغة العربية في البناء الثقافي العالمي: الواقع والمأمول"، أهمية مواصلة الجهود والخطط الرامية للمحافظة على العربية، وإبقائها ضمن حيّزها الأصيل والتنمويّ، لتكريس حضورها في الثقافة المعاصرة، وقال إن الأمر قابل للتطبيق، شريطة اتباع إستراتيجيات فعّالة أهمها تعزيز الإبداع اللغوي والأدبي بدعم الكتّاب والشعراء والمبدعين لإنتاج أعمال فنية وأدبية متميّزة باللغة العربية، وتحفيز استخدام العربية في مختلف مجالات الأدب والفنون، إلى جانب دعم تطوير التكنولوجيا اللغوية مثل البرمجيات والتطبيقات التي تعزّز استخدام اللغة العربية في الحياة اليومية وفي مجالات العلوم والتكنولوجيا.
كما شدّد رئيس مركز أبوظبي للغة العربية على أهمية دعم إنتاج المحتوى الرقمي بالعربية، والاهتمام بالمواقع الإلكترونية المتخصّصة والتطبيقات والمنصّات الرقمية الأخرى، ودعا إلى تطوير برامج تعليمية تركّز على تعلّم واحتراف اللغة العربية بشكل شامل، بما في ذلك اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتعزيز عمليات التبادل الثقافي من خلال تنظيم فعّاليات ثقافية وأدبية وفنية تُروّج للغة العربية وتُشجع على فهمها واحترامها بوصفها جزءاً لا يتجزّأ من التراث الإنساني.