ع
ع
المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية يناقش دور مواقع التواصل الاجتماعي كسوق جديدة للنشر

يواصل المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية الذي انطلق بدورته الأولى صباح اليوم، بتنظيم من مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، سلسلة جلساته الحوارية التي استضافت مجموعة من الناشرين والخبراء والعاملين في القطاع، أضاء من خلالها على العديد من المحاور المهمّة المتعلّقة بواقع التعليم والنشر في العالم الافتراضي ومكانة مواقع التواصل الاجتماعي وحضورها باعتبارها سوقاً جديدة للنشر، إلى جانب الحديث عن "القراءة في زمن الاضطراب" وألية تصدير اللغة العربية للعالم.

 

وسلّطت جلسة بعنوان "التعليم والنشر في العالم الافتراضي"، الضوء على واقع قطاع التعليم، إذ عرّفت بمجموعة من التحديات التي تتعلّق بواقع التعليم الافتراضي الذي ألقى بظلاله على الطلاب حول العالم.

 

وشارك في الجلسة التي أدارتها هنادا طه، أستاذ كرسي اللغة العربية ومدير مركز اللغة العربية للبحث والتطوير في جامعة زايد، كل من، كريستوبال كوبو، اختصاصي في مجال التعليم والتكنولوجيا في مجموعة البنك الدولي، وآل كنجزلي، المدير التنفيذي لشركة تقنيات التعليم "نيت سابورت"، وبيسان قربان، مديرة تطوير المنتجات لدى شركة بيرسون للنشر، إضافة إلى جون راسل، مدير قسم التعليم في شركة ألف للتعليم.

 

واستعرض المتحدّثون الدور الذي تلعبه منصات التعليم الرقمي، والأنظمة التعليمية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشر التعليمي، كما طرحت مسألة سيطرة المنصات الجديدة على الواقع التعليمي، وتأثير ذلك على التعليم العالي، وإمكانية توظيف وتطبيق نظام "الوصول المفتوح" في المستقبل.

 

وفي تعليق له قال كريستوبال كوبو:" الطموحات الخاصة بالتعليم وتطوره هو أمر تحدثت عنه الدوائر الدولية منذ نحو مئة عام، وساعدت التقنيات وتطور العالم الافتراضي على تطوير عمليات التعليم بشكل ملحوظ، ويمكن القول أن نحو 50 % من الأطفال يواجهون صعوبة في التعليم وقراءة النصوص العادية في بعض الدول، وهناك ملايين منهم فقدوا إمكانية الوصول إلى الوسائل التي تتيحها المدرسة، ما جعل العديد من الدول تكافح للتعامل مع الاختلافات والصعوبات الرقمية".

 

بدوره قال آل كينجزلي:" الدراسات التي توصلنا إليها، جعلتنا نفكر في مخرجات التعليم مرة أخرى، سواء كانت إيجابية أم سلبية، وأن نبحث في كيفية الأداء المدرسي والنشاطات المدرسية، لهذا عندما نتحدّث عن التعليم الإفتراضي فإننا نضع أنفسنا أمام تحدّيات كبيرة فالتقنيات المقدمة من الممكن أن تمنحنا قفزات للأمام، وتمدنا بخبرات، في الوقت ذاته ما نمتلكه من معارف في المجال يخدم تحفيز الطلاب وتطوير مهاراتهم، وتنمية شخصية الأطفال، وما نطمح له هو تعزيز الثقة في نفوس الطلاب من جديد وجعلهم قادرين على الاستفادة القصوى من مختلف مجالات التقنية في إطار التعليم".

 

أما بيسان قربان فأشارت إلى أن كافة القطاعات الحيوية اضطرت لاستخدام العالم الافتراضي، حتى أن القطاع التعليمي باختلاف مستوياته اضطر للتعلّم بأسلوب الممارسة، وذلك ما وضع الأسس الأولى للتعليم الافتراضي، وطور آلياته. لافتة إلى أن هذه المرحلة الاستثنائية في تاريخ التعليم ستمنح الجامعات القدرة على توفير أكبر قدر من عمليات التدريب والتعليم المهاري، دون تكبّد المزيد من المصاريف، موضحة أن تطوّر النشر في العالم الرقمي جاء ليقدّم خدمات أفضل، ويحاكي ما يحتاجه مجتمع التعليم بشكل خاص لا سيما وأن العالم الافتراضي فرض الكثير من الأسس الجديدة ولا زال.

 

فيما تحدث راسل عن نظرة دوائر التعليم للمستقبل وكيف ستواجه معايير الابتكار المتطورة باعتبار أن الحاضر هو جسر عبور للمستقبل، مشيراً إلى أن شركة آلف تتعامل مع ملايين البيانات ولديها عدد كبير من الطلاب يستخدم منصتها، كما أنها تتعامل مع الاختلافات الواضحة بين الجنسين، التي تصبح واضحة كلما زاد أعمارهم، إضافة لاختلاف الأداء للطلاب حسب الموقع الجغرافي، مؤكداً أن المستقبل والذكاء الاصطناعي سيقودان التطور القادم في التعليم.

 

وفي كلمة رئيسية بعنوان "القراءة في زمن الاضطراب" استعرض نيكولاس كار أحد المرشحين النهائيين لجائزة "بوليتزر"، أحد أشهر المؤلفين والأكثر مبيعاً حسب نيويورك تايمز، وصاحب كتاب "السطحيون: ما تفعله شبكة الإنترنت بأدمغتنا"، مجموعة من المحاور التي تبرز أهمية القراءة وانعكاساتها على أفراد المجتمع، ومجموعة التهديدات التي تحيط بها لا سيما في ظلّ الواقع المتطور الذي فرض أدواته وخياراته المتنوّعة. مشيراً إلى أنّ الإنسان يعيش اليوم في خطر، ويتعرض للتهديد نتيجة المؤثر الذي في جيبه، آلا وهو الهاتف، باختلاف أنواعه، فالجميع اليوم لديهم أجهزة، وهذه التقنية الجديدة ليست شيء يهدف لتشجيعنا على القراءة المعمقة، وإنما لديه علاقة عكسية بذلك، ما يعرضنا لمشتتات كثيرة، ورغم أن التكنولوجيا فعالة وحديثة، لكنها تعمل كمواد مشتتة بالنسبة للقراءة المعمقة".

 

وأضاف:" رغم أن شبكة الانترنت نعمة فهي نافذة المعلومات الدائمة، لكن علينا الحصول على حيز من الوقت لنفكر بهذا الكم من المعلومات، فعندما نبدأ التركيز بالقراءة تبدأ إشعارات جديدة مختلفة تأتي إلينا، ما يجعلنا لا نصل للقراءة المعمقة، وقد ساهمت التكنولوجيا الحديثة وما لحقها من أدوات مثل الأجهزة الذكية في مضاعفة مبيعات الكتب، ما أدى إلى ارتفاع بيع الكتب الالكترونية على حساب الورقية".

 

وناقشت جلسة بعنوان "تصدير اللغة العربية إلى العالم" أفضل الممارسات وقصص النجاح، كمشروع "كلمة" للترجمة الخاص بمركز أبوظبي للغة العربية، وشارك في الجلسة التي أدارتها هانا جونسون ناشرة في مجلة ببلشنغ برسبكتيفز، كل من سعيد الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية بالإنابة ومدير معرض أبوظبي للكتاب، وروان الدباس، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاتحاد الدولي للصناعة الفوتوغرافية، ويورغن بوز، الرئيس والمدير التنفيذي لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، وبيرسا كوموتسي كاتبة ومترجمة لنصوص الأدب العربي وشريك مؤسس ومدير مركز الأدب والثقافة اليونانية والعربية في اليونان.

 

وتحدث الطنيجي عن أهم المشاريع الذي اهتم به المركز ضمن ذات الإطار والمتمثل في مشروع كلمة" للترجمة"، الذي يحتفي بمرور 15 سنة على تأسيسه، والذي واجه منذ التأسيس عام 2007 العديد من التحديات، أهمها القرصنة، وطريقة نظرة دور النشر العالمية للعالم العربي، وتغلب عليها إذ أعطى الكتاب حقه؛ ودعم المترجم والناشر، مشيراً إلى أن المشروع لم يترجم من لغة واحدة، وإنما ترجم من 22 لغة ونحو 10 تصنيفات علمية مختلفة، مؤكداً أن الكتاب ليس مجرد ورق؛ بل صناعة لها معايير التزم المشروع بها وحرص عليها، حتى حصل على تقدير الناشر العالمي والجمهور العربي.

 

بدورها قالت الدباس إن القرصنة مشكلة كبيرة، إذ تقلل من قيمة الكتب، حتى أن بعض الدول العربية والخليجية لديها مستويات مختلفة للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، موضحة إن هذه الحقوق محاولة لخلق وعي وتمكين الناس من الدخول للكتاب أو المحتوى الإبداعي مقابل سعر مقبول وسياسات واضحة، وهو ما يدفع الناس للاستثمار بالكتاب، ويدعم الأجيال القادمة للاستثمار في قطاع النشر، لإدراكهم أن حقوق النشر محفوظة ولديها عائدات جيدة، وهذا إنجاز يحسب لدولة الإمارات التي قطعت أشواط طويلة فيه.

 

وبدوره قال بوز إن الجوائز تحفز على الترجمة وعلى الكتابة والنشر، ودور معارض الكتب والعاملين في مجال الكتاب دعم الكُتّاب الجدد والناشئين، مشيراً إلى أن القطاع بحاجة للمزيد من الشباب للدخول في هذا المجال على مستوى العالم.

 

ورأى بوز أن قلة من الشباب والكتّاب في العالم العربي ينخرطون في مسألة الترويج لأنفسهم، ما يجعل انتشارهم صعباً.

 

أما كوموتسي فتعتقد أن مراكز الثقافة الأوروبية لديها عدد جيد من المترجمين المتمكنين، رغم الجهود الفردية، إلا أن بعض الدول كألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا تملك أقسام جامعية أكاديمية جيدة، تخرج مترجمين أكفاء، إضافة لتبادل الطلاب بين الجامعات، مشيرةً إلى أن البلدان الصغيرة لا تتضمن دراسات أكاديمية في جامعاتها، فتعاني من قلة المترجمين الخاصة بهم، لذا تأتي المبادرات الثقافية التي تدعم دراسة اللغة العربية، كمبادرة مركز دراسة اللغة العربية في اليونان في السنوات الأخيرة، والذي أتى نتيجة استقبال اللاجئين فيها.

 

من جهة أخرى ناقشت جلسة نقاشية حملت عنوان: "هل أصبحت منصات التواصل الاجتماعي بمثابة سوق جديدة للكتب؟"، واقع استثمار الناشرين بقوّة في التسويق الرقمي، حيث تشكل التجارة الإلكترونية جزءاً متزايداً من سوق الكتب. وأدار الجلسة إد ناووتكا، محرر دولي لمؤلفات مشهورة في بابليشرز ويكلي، وشارك فيها كل من سامي البطاطي، مؤسس ومقدم قناة ظل كتاب على اليوتيوب، وآني آرسان مديرة استراتيجية المنصة وخبيرة في الرؤى المؤثرة من تيك توك، وجويل يزبك مديرة الشراكات للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تويتر.

 

وقال البطاطي أن صناعة الكتاب تبدأ من الكاتب فالناشر لتصل للقارئ، ليضيف عنصراً رابعاً وهو الناقد، متحدثاً عن تجربة "البوك تيوبر" الذي يحتل مكان بين القارئ والآخر، فهو يقرأ الكتاب ويتحدث عن تجربته عن طريق الانطباعات الشخصية، ما يجعله أقرب للقارئ من الناقد، حتى أن بعض الكتب تجاوزت مشاهداته نحو 10 ملايين مشاهدة.

 

بدورها قالت آرسان، أن هناك تقاطع بين سوق الكتب الرقمية والورقية، ووسائل التواصل الاجتماعي، مشيرةً إلى أن منصات التواصل الاجتماعي أنشأت فضاءات للحديث عن الكتب مثل منصة "التيك توك" التي تجمع ضمن مجتمع "بوك توكس" في المنصة نحو 5 ملايين مشاهدة، مؤكدة أن إحدى المكتبات في إمارة دبي، زادت مبيعاتها نحو 20 % بفضل بوك توكس، وهو تأثير مباشر على قطاع الناشر.

 

فيما أضافت يزبك أن منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" تهتم بما يحدث على مدار الساعة، وهذا هو مصدر قوتها، فما يحدث في الوقت الحقيقي والحالي هو الأساس للمنصة، إذ نرى تطورها عبر السنوات الماضية، وقوتها في تغيير أساليب النقاش، وهناك منصات على "تويتر" خاصة بالكتاب والناشرين ومن خلالها يتم التعرف على نقاشاتهم وعلى الاهتمامات الخاصة بالقراء، وبالتالي استهداف سلوكيات المتابعين حسب النشاطات والكلمات المستخدمة في النقاشات والتعليقات.

00:00
00:00